روماتزم
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
علم الروماتزم هو العلم الذي يتخصص في دراسة الأمراض الروماتزمية والهيكلية العضلية.جذور هذا العلم:وقد بدأ هذا العلم في الظهور منذ القرن الأول الميلادي، حيث ظهرت في اللغة كلمة "روما" "Rheuma" لأول مرة، وهذه الكلمة تعني باللاتينية "الشيء الذي يتحرك ويجري"، ويقال إن سبب التسمية يرجع إلى البلغم "Phlegm" الذي كان يعتقد الرومان أنه يتكون في المخ ويجري منه إلى أعضاء الجسم المختلفة مسبباً اعتلال الجسم ومرضه.وفي سنة 1642 م دخلت إلى اللغة العلمية كلمة "روماتزم"، وكان أول من أطلق هذا الاسم طبيب فرنسي اسمه د. بايلو Baillou، وهو الذي اكتشف أن التهاب المفاصل قد يكون مرضاً جهازياً شاملاً للجسم كله وليس مجرد مرض موضعي للمفاصل، وقد ظهر علم الروماتزم Rheumatology لأول مرة كعلم مستقل في أربعينات القرن العشرين.حجم وعدد ومعدل انتشار الأمراض الروماتزميةوقد يظن البعض أن الأمراض الروماتزمية محدودة العدد جدا، وأنها قد لا تعدو أصابع اليد الواحدة، ولكن هذا ليس الواقع، فنحن اليوم في بداية القرن الحادي والعشرين نجد أنفسنا أمام أكثر من مائة وعشرين مرضاً، تمثل مجموعة الأمراض الروماتزمية المعروفة حتى الآن، ويزداد هذا العدد باستمرار وبسرعة كبيرة.. وقد تم تقسيمها بأكثر من طريقة، ومن أسهلها التقسيم التالي الذي يقسم الأمراض الروماتزمية إلى عشر مجموعات هي:1. أمراض الأنسجة الضامة الجهازية.2. التهابات الأوعية الدموية وما يتعلق بها.3. اعتلالات الفقرات سلبي المصل.4. التهابات المفاصل المرتبطة بأمراض معدية.5. الاضطرابات الروماتزمية المرتبطة بأمراض أيضية (تمثيلية غذائية) أو صمَّاوية (مرتبطة بالغدد الصماء) أو دموية.6. اختلالات العظم والغضاريف.7. اضطرابات الأيض الخلقية والوراثية المرتبطة بالمتلأزمات الروماتزمية.8. اضطرابات الجهاز الهيكلي العضلي غير المفصلية.9. التنشؤات (الأورام) والأفات شبيهة الأورام.10. اعتلالات روماتزمية متفرقة أخرى.
وتعتبر مجموعة الأمراض الروماتزمية هي الأكبر من نوعها على الإطلاق من حيث معدل انتشارها بين الناس، حيث تقدر الإحصاءات العالمية أن حوالي 30 % من مجموع سكان أي بلد في العالم يعانون من أمراض أو آلام روماتزمية مختلفة، يتمثل أغلبها في التهابات المفاصل وآلام الظهر – لا سيما آلام أسفل الظهر – وأن حوالي ثلثي هذا الرقم الضخم (حوالي 20 % من السكان) تكون لديهم الأعراض من الشدة الكافية التي تجعلهم يلجأون إلى الاستشارات الطبية، ومن الجدير بالذكر أن نسبة الاعتلالات الروماتزمية تزيد بزيادة السن، حيث وجد أن نحو ثلث المترددين على عيادات الأطباء بسبب أمراض روماتزمية في الولايات المتحدة يبلغون من العمر أكثر من 65 سنة، ولهذا يتوقع أن تكون أكثر في الدول ذات متوسطات الأعمار الأعلى من تلك ذات متوسطات الأعمار الأقل..وكمثال على ذلك نذكر إحصائية نشرت عن مجموع حالات الروماتزم المختلفة في الولايات المتحدة الأمريكية، والتي يبلغ سكانها أكثر من 280 مليون نسمة، حيث تشير الإحصاءات إلى أن عدد الذين يعانون من أعراض روماتزمية مختلفة يبلغ نحو 54 مليون نسمة (بنسبة 20 % من مجموع السكان).كما أن مجموعة أمراض المناعة الذاتية الالتهابة (كالروماتويد والذئبة الحمراء والتصلب الجلدي) تمثل مجتمعة نحو 2 بالمائة من مجموع السكان، وأن نصف هذا العدد يعاني من الروماتويد (شبيه الروماتزم)، وهي بالتالي تمثل مجموعة كبيرة من الأمراض من حيث عدد المصابين، إذا أخذنا في الاعتبار أن نسبة المصابين بارتفاع الضغط في أمريكا يبلغ نحو 20 مليون (10 بالمائة) وأن نحو 5 مليون أمريكي (2 %) مصابون بداء البول السكري.ولا تقتصر خطورة هذه الأمراض على العدد الكلي له، وإنما تجاوزه إلى العدد الكبير الذي يعاني من مضاعفات الأمراض الروماتزمية، فمن بين نسبة 30 % يعانون من أعراض روماتزمية مختلفة هناك 20 % (ثلثا العدد) يلجأون إلى الاستشارة الطبية بسبب هذه الأعراض، ومن بين هذا العدد هناك نحو 10 بالمائة (نصف عدد المجموعة السابقة) يعانون من درجة من العجز الناتج عن الاتهابات المفصلية، ومن بين هذا العدد يصل نحو نصف بالمائة (خمسة بالمائة من المجموعة السابقة) إلى العجز الكلي، ويتوفى نحو اثنان من مائة بالمائة (0.02%) من السكان سنوياً بسبب الأمراض الروماتزمية، وتمثل هذه النسبة نحو 50 ألف حالة وفاة سنوياً في الولايات المتحدة وحدها. وتعتبر الأمراض الروماتزمية هي السبب الثاني للعجز الحاد (بعد أمراض الجهاز التنفسي)، والسبب الأول للعجز المزمن، كما أن نسبة 10 بالمائة من الجراحات في الولايات المتحدة تكون من أجل إصلاح أو تقليل العجز الناتج عن الأمراض الروماتزمية..
وكنتيجة طبيعية فإن هذه الأرقام المخيفة تمثل عبئاً كبيراً على الاقتصاد القومي لأي دولة في العالم، حيث تبلغ تكلفة علاج الأمراض الروماتزمية في الولايات المتحدة نحو 193 مليار دولار سنوياً (وهو ما يمثل نحو عشر موازنة الدولة، ونحو 2.5 بالمائة من الناتج القومي الأمريكي)، وتمثل نفقات الولايات المتحدة على علاج الأمراض الروماتزمية نحو 38 % من الإنفاق الطبي الكلي بها، بالإضافة إلى خسائر سنوية غير مباشرة تبلغ 77 مليار دولار، وهي الخسائر الناتجة عن عجز مرضى الروماتزم عن الإنتاج والعمل كأقرانهم في نفس الفترات العمرية.
الوصايا العشر في علم الروماتزم
إن علم الروماتزم من العلوم المربكة للعديد من الأطباء، وذلك بسبب صعوبة تشخيصها والتفريق بينها، ولهذا فقد وضع علماء الروماتزم عدداً من القواعد الهامة لعل من أهمها ما يسمى بالقواعد الذهبية العشر – ويسميها البعض الوصايا العشر – في علم الروماتزم، ولكن تجدر الإشارة إلى أن هذه القواعد ليست صحيحة دائماً بنسبة 100 %، وعموماً لا يوجد في الطب شيء صحيح بنسبة 100 % أبداً، وهذه الوصايا العشر تتمثل فيما يلي:-
1. يعد التاريخ المرضي المفصل والفحص السريري المنظم، جنباً إلى جنب مع المعلومة التشريحية الصحيحة أهم عوامل النجاح في الوصول إلى تشخيص صحيح للأمراض الروماتزمية، وفي كل الحالات يجب أن تفحص المريض.
2. لا تطلب من المريض إجراء أية فحوصات معملية أو إشعاعية إلا إذا كنت تعرف بالضبط ماذا تريد من هذه الفحوصات، وما هي خطة العلاج لديك بعد إجرائها.
3. مرضى الالتهابات المفصلية الحادة وحيدة المفصل يحتاجون إلى عمل شفط أو سحب لجزء من سائل المفصل، وذلك لتشخيص أو نفي الالتهابات الإنتانية أو البلورية.
4. معظم مرضى الالتهابات المفصلية المزمنة وحيدة المفصل، والتي جاوزت ثمانية أسابيع بدون تشخيص السبب يحتاجون إلى عمل خزعة زليلية synovial biopsy.
5. من غير المعتاد أن يصيب النقرس السيدات قبل سن اليأس، كما أنه من غير المتوقع أن يصيب المفاصل القريبة من العمود الفقري (السِّيساء).
6. معظم آلام مفصل الكتف تكون ناتجة من الأنسجة المحيطة بالمفصل وليس من المفصل نفسه (كالتهابات الأوتار والأجربة)، وكذلك فإن معظم آلام أسفل الظهر تكون أسبابها غير جراحية.
7. مرضى خشونة المفاصل (الفصال العظمي) الذي يصيب مفاصل لا تصاب عادة بالفصال الأولي (كالرسغ والمرفق والكاحل) يجب أن يعاد تقييمهم بحثاً عن أسباب أخرى سببت فصالاً ثانوياً (كاختلالات الأيض أو أمراض المناعة الذاتية أو غيرها).
8. الآلام العضلية الليفية الأولية primary fibromyalgia لا تصيب عادة المرضى لأول مرة بعد سن الخامسة والخمسين، كما أنها لا تكون التشخيص السليم في معظم الحالات التي تكون نتائج تحاليلها وفحوصاتها غير سليمة.
9. ليس كل المرضى الذين لديهم عامل روماتويد موجب يعانون فعلاً من الروماتويد، كذلك ليس كل المرضى الذين لديهم مضادات أنوية يعانون من الذئبة الحمراء.
10. عندما تواجه بمريض يعاني من مرض روماتزمي جهازي معروف، ويعاني من حمى وأعراض متعددة الأجهزة، عليك أن تستبعد أولاً احتمالية حدوث عدوى أو وجود أمراض غير روماتزمية أخرى، ولا تتسرع في تفسير هذه الأعراض على أنها من الأعراض المتوقعة للمرض الروماتزمي الذي يعاني منه، وعليك أن تذكر دائماً أن مرضى الروماتزم الذين يموتون بسبب العدوى أكثر من المرضى الذين يموتون من الأمراض الروماتزمية نفسها.
وتذكر دائماً: لا يوجد في الطب شيء صحيح بنسبة مائة بالمائة
انظر أيضا
.